تشهد أسواق العملات الرقمية اضطرابات حادة، حيث تعرضت بيتكوين وغيرها من العملات المشفرة لضغوط كبيرة بعد اختراق ضخم لبورصة “بايبت” في دبي، ما أثار مخاوف بشأن إمكانية “قمع” سعر البيتكوين.
ارتفاع مؤقت ثم تراجع حاد
ارتفع سعر البيتكوين بشكل مفاجئ يوم الجمعة بعد الإعلان عن الاختراق، لكنه تراجع مرة أخرى، رغم دعم السيناتور الأمريكية المؤيدة للبيتكوين سينثيا لوميس، التي مهدت الطريق لتحديث تشريعي رئيسي في سوق العملات المشفرة.
في الوقت نفسه، ومع تصاعد التكهنات حول إصلاحات محتملة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي بقيادة إيلون ماسك، يحذر خبراء الاقتصاد من أن السيناريو الأسوأ قد يكون على وشك الحدوث، مما قد يؤثر سلبًا على سعر البيتكوين.
تزايد المخاوف من الركود التضخمي
وفقًا لاستطلاع أجراه بنك أوف أميركا، فإن التوقعات بحدوث ركود تضخمي - الذي يتمثل في تباطؤ النمو الاقتصادي مع استمرار ارتفاع التضخم - ارتفعت إلى أعلى مستوياتها خلال الأشهر السبعة الماضية.
وأكد جاك ماكنتاير، مدير المحفظة في “برانديواين جلوبال”، أن هذه السياسات قد تؤثر على الطلب الاستهلاكي، بينما لا يزال التضخم يمثل عقبة أمام قدرة الاحتياطي الفيدرالي على المناورة. وأضاف تيم أوربانويز، كبير استراتيجيي الاستثمار في “إنوفيتور كابيتال مانجمنت”، أن الركود التضخمي أصبح مصدر القلق الرئيسي، أكثر حتى من التضخم نفسه.
انخفاض حاد في سعر البيتكوين والعملات المشفرة
في تحديث بتاريخ 25 فبراير، انخفض سعر البيتكوين إلى أقل من 90 ألف دولار، وهو أدنى مستوى له منذ الارتفاع الذي أعقب فوز دونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية. كما هبط مؤشر الخوف والجشع للعملات المشفرة إلى منطقة “الخوف الشديد”، مما زاد من حالة الذعر بين المستثمرين.
خلال 24 ساعة فقط، سجلت البيتكوين تراجعًا بنسبة 10%، فيما فقدت العملات الرقمية الكبرى مثل إيثريوم، سولانا، وXRP ما بين 10% و15% من قيمتها.
تحذيرات من المزيد من التراجع
يؤكد خبراء سوق العملات المشفرة أن هناك محاولات مستمرة للسيطرة على التراجع الحاد في أسعار البيتكوين. ووفقًا لـ جيف كيندريك، رئيس أبحاث العملات المشفرة في بنك ستاندرد تشارترد، فإن البيتكوين عالقة حاليًا وسط عمليات بيع مكثفة، مدفوعة بارتفاع المخاطر في الأسواق المالية.
ورغم أن انخفاض عائدات سندات الخزانة الأمريكية قد يشكل دعمًا إيجابيًا للبيتكوين على المدى الطويل، إلا أن كيندريك حذر من أن السعر قد ينخفض قريبًا إلى 80 ألف دولار، حيث يسحب المستثمرون أموالهم من صناديق البيتكوين المتداولة في البورصة (ETFs).
هل نشهد تدفقات خارجية قياسية؟
توقع كيندريك أن يشهد السوق قريبًا تدفقات خارجية بقيمة مليار دولار من صناديق الاستثمار المتداولة في البيتكوين، متجاوزًا أسوأ يوم سابق بلغ 583 مليون دولار من التدفقات الخارجة.
الاحتياطي الفيدرالي يثير المخاوف
بدأ الاحتياطي الفيدرالي دورة خفض أسعار الفائدة في سبتمبر، لكنه أصبح أكثر حذرًا مع عودة مخاوف التضخم. وفقًا للمحلل دان كوتسوورث، فإن الأسواق تضع الآن احتمالًا بنسبة 97.5% بعدم تغيير أسعار الفائدة في الاجتماع المقبل، وهو ما كان أقل قبل شهر واحد حيث بلغ 75.5%.
في ظل هذه الأوضاع، قد لا نشهد أي تخفيضات جديدة في أسعار الفائدة قبل 2025، إن حدثت أصلًا.
البيتكوين عند مفترق طرق
حاليًا، يستمر سعر البيتكوين في التذبذب حول مستوى 100 ألف دولار، مما يزيد من القلق بشأن تحركات سعرية حادة في المستقبل القريب. ووفقًا للمحلل أليكس كوبتسكيفيتش، فإن السوق يشبه “كرة مرتدة” تستمر في الانخفاض التدريجي، مما قد يؤدي إلى تحرك حاد في أحد الاتجاهين قريبًا.
هل يجب شراء البيتكوين الآن؟
بينما يتوقع بعض المحللين انتعاشًا طويل الأجل للبيتكوين، فإن آخرين يحذرون من شراء الانخفاض حاليًا، نظرًا لاحتمالية المزيد من التراجع. يرى المستثمرون أن السوق في حالة “انتظار وترقب”، وسط مزيج من التفاؤل بشأن التدفقات المؤسسية وعدم اليقين الاقتصادي الكلي.
في النهاية، يبقى السؤال مفتوحًا: هل نشهد انهيارًا جديدًا للبيتكوين أم أنها مجرد مرحلة تصحيح قبل ارتفاع جديد؟
